مقالة نشرت لي في عدد شهر نوفمبر من مجلة ابواب
في انتظار المطر
مع بداية هطول المطر تستهل الأرض دورتها السنوية من تجديد لما لديها من ثروات طبيعية تغذي بها جميع الكائنات الحية التي تتلهف لسقوط الأمطار لكي تعيش هي الأخرى دوره جديدة من حياتها فيكون المطر هو سبب رئيسيا في إعادة الثروات الطبيعية إلي نشاطها ألعمري فتجد الأرض تنزع عنها لباس القهر والكبت وهو اللباس الأصفر وترتدي بدلاً عنه الفستان الأخضر المليء بالحياة والنشاط والحب .
انه الحديث عن المطر وعلاقته بالأرض هو حديث متخصص لذوي الشهادات الجيولوجيا وللأمانة أنا لا أملكها لكي أتحدث عنها .. ولكن اعرف أن المطر يعيد لأي شيء نصابه ويجعل الأمور تبدوا أجمل مما كانت عليه فإذا أردت أن تبحث عن الجمال وعن الحياة فأبحث عن المطر , و كما يقول أهل البادية عندما تضيق عليهم أمور الحياة فينادي (يجيب الله مطر) وهي تدل على أن قدوم المطر يعني انفراج العسير من الأمور وتسهيل بقيتها , وبقدومه يعني أن الخير سيأتي لا محالة كون الأرض تشغف لهذه القطرات التي تعطي كل واحده منها انطباعا جديد لحياة جديدة لا يعلم مداها ألا الخالق سبحانه وتعالى .
هناك مسرحية سياسية للمثل الكبير دريد لحام اسمها صانع المطر والقصد السياسي كان واضحاً بها وهو ما أريد أن أتطرق له في هذه المقالة والذي أوحى إلي هذه الفكرة هو مسج بعثه لي احد الأصدقاء به كلمة لدكتور احمد الربعي رحمة الله عليه يقول بها " ليس هناك عالم تعيس هناك بشر اختاروا التعاسة , ليس هناك وقت جميل ووقت قبيح ..الوقت قمة الحياد لا دخل له بكل ذالك , نحن نملأه بأوقات قبيحة فيصبح قبيحاً ونحن نملأه بأوقات سعيدة فيصبح سعيداً " وهذا القصد من المطر عندما يغذي الأرض ويزرع الفرح للأطفال فهو ليس لان المطر مخصص للفرح كما ذكرنا بل نحن من اعتاد الفرح على المطر .. وليس بقية الفصول التي لا يسقط منها المطر هي أوقات حزن بل نحن من اعتاد الحزن في هذه الفصول .. نحن لا نصنع المطر كما نصنع الفرح في مقولة الدكتور الربعي رحمة الله عليه إنما نستطيع أن نصنع الفرح في أوقات غير المطر فأوقات المطر مخصصه ليساعدنا الخالق عز وجل أن يخرج لنا ما وضعناه في الأرض .. والوقت المخصص بعد المطر هو لجني فوائد ما زرعناه .. ولكن في وقت الماء متوفر لدينا بجميع الأوقات فنستطيع أن نجعل حياتنا فرح دون انتظار المطر , ونستطيع أن نخرج النباتات في وقت نحتاج به لشمس دون المطر .
ولكن في واقعنا السياسي عندما نتحدث عنه بمرارة شديدة نعرف انه لا يمكننا في الوقت الحالي على الأقل أن نصنع المطر أو نصنع الفرح .. ولا يمكننا سوا أن نكون متابعين لما يجنيه علينا أخوتنا في وطننا من جرائم بحق الأطفال وحق الشباب بان يحصروا الفرح في موسم المطر .. بل حتى في موسم المطر يقننون علينا الفرح فيصبحون في الغد بلا فرح ولا حزن .. يقتل لديهم أي شعور عاطفي فيكون الفرح أمر نستغني عنه والحزن شعورا لا نعرفه .. فنتخلى عندها عن إنسانيتنا التي زرعها الباري فينا ليميزنا عن باقي الكائنات التي لو عرفت الحزن لما عرفت الفرح ولو عرفت الفرح لا تعرف المودة والتراحم ولولا إننا نعيش الفرح بكل أركانه و الحزن بكل أركانه لما ميزنا احد عن بقية الكائنات الحية .
ما هو المطلوب من هذا المقال ؟ هو أن نعرف إننا بشر نضحك ونبتسم عندما نرى شيئا مفرحا نبكي عندما نرى الحزن فلذالك يجب أن نعرف أن نضحك ونبكي لنكون أناسا يعيشون حياة سويه من دون انتظار المطر .
هل سننتظر المطر لتنفرج أعسر أمورنا ؟ أم سنفكر لنبحث عن شيء يخرجنا من ما هو قادم ؟ ....
نقطة في أخر السطر : أبارك لأخي وصديقي وزميلي في أبواب خالد النصرالله على إصداره الخامس رواية (الحقيقة لا تقال ) أتمنى أن يكون في صدارة الإصدارات .. وان يحقق لك ما تصبو له